الاثنين، 16 يناير 2012

في وصف كلمة واحدة: لعبة (بزل) من أربع قطع !






"تحبس أنفاسك وأنت تهوي على منحدر الوجع، تعود فيما يشبه دائرة لتراجع الموقف،ثم تنطوي على نفسك ،محتميا بتحليلك الذهني للموقف،وكأنّه مظلة تحميك من مشاعرك، تنشر شراع "الكاف" فوق ظهر مشاعرك المتقوس لتمعن في الاحتماء. تتجه بعدها بعينين دامعتين إلى السماء،كمبتهلٍ يزم شفاهه ويفتح بوابة أجفانه المغلقة ويقدم "بياضه" كتسوية أخيرة، وربما اتجهت إلى هناك غاضباً كرجل أزعجه بلل المطر فاتّجه إلى مصدره لينهي المسألة،تصعد، تصعد، كراكب أفعوانية يحسّ بالإثارة في أذنيه. تهدأ بعد أن تدرك بأنك لن تخرق الجبال طولا، تنزل بعدها، تدريجيا، كمُحاربٍ عائد، (يتمخطر) بلا اكتراث وقد جرّ سهمه الذي لم يستخدمه ليخط أثرا في التراب، تعود أدقّ مما كنت، قد انطبقت أوداجك الغاضبة المنتفخة على بعضها، تملّ من هذا النزول التدريجي المهين، تقفز بعدها على السطر لتتكيء عليه، في سكون و دعة.ك (همزة) بين الكتف والرقبة. يستمر ما تحس به في النحول، حتى يتلاشى. "

كيف بربكم يمكن للوحة المفاتيح أن تنقل شيئا من هذا .. ؟ .

نص كهذا يبعث على الراحة، هي كلمة واحدة فقط، من أربعة أحرف ، ولكنني لم أحتج للتخلي عن شيء طرأ على بالي بشأنها، لم أضطر للفّ معانٍ مهمة بورق أبيض لدسها تحت مراتب الكلمات، هذا النص يشبه مباراة من ثلاثين ثانية تهندس فيها انتقال الكرة بشكل سلس يبعث على الرضا،بدلا من ركل الكرة بالكعب دون اكتراث في مباراة لا تنتهي. يشبه ما فعله (ايريك كاندل) الحائز على نوبل حينما قضى وقته يفتش عن قلق حلزونة صغيرة في خلاياها التي يستطيع أن يعدها، ويحصي التشابكات العصبية التي يمكن له أن يحيط بها. الحروف الأربعة هنا تشبه لعبة (بزل) بأربعة قطع فقط، ترتبها مرتاحا، حينما تصف أي قطعة من هذه القطع الأربع يعلم الناس عن ماذا تتحدث بالضبط!

لكم أودّ لو كانت كل خيوط الأفكار تنسلّ من قلمٍ يدور كبكرة لثانيتين ويتوقف. لو كانت كل سلاسل الأفكار توضع في صناديق نصوص واضحة المعالم كهذا، الحياة مليئة بلعب (بزل) من مائة قطعة، وألف قطعة، ومليون قطعة! وحتى حينما ينبسط مزاجك بما يكفي لبسط هذه القطع على الأرض، ستنشغل بمحاولات لوضعها في مجموعات رباعية صغيرة ، محاولات لا علاقة لها باللعبة الأصلية على الإطلاق، فقط لكي لا تلعبها وحيدا! لأنها لعبة توشك أن تكون بلا معنى حينما تلعبها وحدك !

هذا النص يبعث في داخلي شعورا غريبا. مبتسما، أحضرت هذه القطع الأربعة، فردتها هنا، وللمرة الأولى، أحس بأنني سألعب! كطفل ينهض من الزاوية،يحمل لعبته ويتجه إلى رفاقه بحماس بعد أن وجد طريقة يخبرهم بها بأن اللعبة التي كان يلعبها هناك، في الزاوية، ليست مملة وغبية وغامضة كما كان يبدو!

عزيزي القارئ: لو تكرمت، إقرأ هذا النص جيدا!


أتاوا
يناير-٢٠١٢

هناك 3 تعليقات: