الأحد، 13 مارس 2011

الفتنة النائمة



عزيزتي الفتنة،
يقولون أنك نائمة. أقف على حافة سريرك،أراك تكومين أطرافك بوضع لا يصلح للنوم، أتطلع الى رقبتك الملتوية، نومك بهذه الطريقة المفجعة ينذر بكارثة حينما تصحين!. أحاول أن أتحدث معك بصوت خفيض، قبل أن يشعر أحدهم بأنني أحاول إيقاظك فيلعنني. هم يريدونك أن تصحين مفزوعة على صراخ، وجلبة، وقتل. ماذا لو استمتعت إلي، أحدثك بلطف، فتفتحين عينيك، تنظرين الى الحاضرين، تهزين رأسك في رضا يدل على أنه لا بأس في أن يقفوا إلى جانب بعضهم، تلتفتين إلى يسارك، ويمينهم، تقطبين حاجبيك في اتجاه الواقفين هناك، مشيرة إلى أنه لا بأس من أن يتضايق الناس ممن يتسلط عليهم، ويسرق أموالهم، وأنك عادلة، تغضبين بحزم، وعقل، وأنك لن تصرخين كالمسعورة، وتنفثين النار كتنّين في كل مكان.
نومك بهذه الطريقة يوحي بأنك لم تخلدي إلى النوم مختارة، وأن أحدهم، لسبب ما، حاول (إخمادك) كما يقول هو قاصدا أنك كنت نارا تستعر لسوء في ذاتها هي، أو حاول (إخمادك) كما تُخمد الطلقة جسد أرنب، الأرنب، الذي يرسله "صياد" كسول قبل أن يلحقه بطلقاته. السؤال الذي يجدر به، أن يشغل الناس الآن قبل أن يتشاغلوا بنومك، وصحوك، هو: مالذي أتى بك هنا على أية حال؟ إن كان الحق، واضحا، والشر واضحا، مالذي جعلك منذ تاريخ قديم لا يعرفه أحد، تنامين كمتسلل يستلقي على حدود تفصل بين بلدين مختلفين، ويرقبه الجميع بخوف. لا يفكر أحد بأن ينغزه ولو فعلوا لربما اكتشفوا بأنه خيال مآته.
هناك من يهمه أن نخاف منك. هناك من يضع صور العمائم بين أوجه الغاضبين، ليشعرنا بأنك مجنونة تتحدث حتى وهي نائمة فماذا لو صحت. عزيزتي الفتنة، تحدثي! أتعلمين سكوتك هذا هو بالضبط ما يجعل الجميع يعتقد أنك لا تتكلمين دون أن تحدثين كارثة، فكما أستطيع استخدام سكوتك كدليل على نومك المفتعل، ووجودك الكاذب، يستخدمونه ليثبتون أنه ما إن يتحرك جفنيك صعودا حتى يبدأ العالم بالاحتراق. يظنونك جبارا نائما، وأظنك دمية محشوة بالقطن، إذ لا رقبة لشيء من دم ولحم،يصحى وينام، تنعكف بهذه الطريقة. أظنك لا تتحركين بلا أياد تقرص قماشك ، تعريفك يقتضي بأنك من صنع الناس،لا كيانا قائما بذاته، ومع ذلك يتحدثون عنك كقوة تأتي من مكان غريب، ككائن خرافي، كبركان خامد، يتفجر حينما يوقظه شقي ملعون.
عزيزتي الفتنة، سواء كنتِ نائمة، أو دمية مستلقية، لا أظن أن تركك بهذه الوضعية المزعجة يخدم أحدا سوى الواقفين على يميننا ويسارك. ربما تفيقين على صراخ يسد الأفق، وربما تستلقين هناك إلى الأبد، تقرص قماشك المهتريء البشع أياد مختلفة تخيف بك البلاد والعباد. منذ أول يد وضعتك كحديث ضعيف، ولم يتساءل أحد لماذا يوضع مثل هذا الحديث على الرسول. على أية حال لا يجدر بي أن أطيل الوقوف هنا، سأذهب قبل أن يلعنونني.*
* في حديث ضعيف: " الفتنة نائمة، لعن الله من أيقظها"
أتاوا-
مارس ٢٠١١















هناك 4 تعليقات:

  1. سكوتك هذا هو بالضبط ما يجعل الجميع يعتقد أنك لا تتكلمين دون أن تحدثين كارثة
    .
    .
    .
    تعريفك يقتضي بأنك من صنع الناس،لا كيانا قائما بذاته، ومع ذلك يتحدثون عنك كقوة تأتي من مكان غريب، ككائن خرافي، كبركان خامد، يتفجر حينما يوقظه شقي ملعون.
    .
    .
    .
    لا أدري كيف وضعت أفكارًا بذلك الكم من التعقيد التاريخي في حوار بسيط كهذا، لكن النتيجة كانت خرافية. لغة السيادة في الحوار كأنها قصقصت أجنحة البعبع المنفوش، فنزلت به من كونه كائنًا حيا إلى فرضية هزيلة..تكاد لا ترقى إلى مستوى أسطورة ا.

    ردحذف
  2. شكرا عائشة، رأيك - كما تعرفين جيدا- يهمني كثيرا. أحب كثيرا ذلك الشعور الذي أحسه حينما أكتب شيئا أود له أن يقرأ بشكل معين، وأحس فيه عمقا، وتشابكا أحسه،ولا سبيل إلي فكه، فيفرده قارئ/صديق أمامي .

    خرافية" كانت كريمة جدا

    شكرا :)

    ردحذف
  3. أحيانا نخاف من إيقاظ "الوحش" النائم كي لا يبلعنا أو يستحوذ علينا أو نفقد سيطرتنا لسطوته...
    والتناقض العجيب
    (the paradox)
    هو أن هذه الفتنة أكلتنا بهذا الخوف ... خوفا ليس من الوحش ذاته.. لكن فكرة الوحش..
    ،ما معنى أن تقترن بما يقترن بالوحش

    كالوهم ننسجه ليكون كبش الفداء لمخاوفنا و عيوبنا وعارنا
    ليسهل وضع وصمة عار على من ينظر في عينين الوحش أو يتساءل عنه

    أرضا ما.. جسدت الفتنة ،و الشر في إنسان ... ثم بعد أن جعلته إنسانا... أزالت منه كل معاني الإنسانية....فقطعت صلته بجنس الإنسان... ثم رمته بحرا..

    وآخرون
    جعلوا الأبيض و الأسوَد.. فوضعوا الأبيض أبيضا... ثم أخذوا الأصفر المطلع و الأخضر اليافع و الأحمر المتحرك تحت عداد الأسوَد... حتى هم ظنوا أنفسهم سود...
    كم من سادة و أسُود.... ذهبوا في ثنايا الأسوَدِ...

    يقولون في فهم السؤال نصف الإجابة... ولكن احترس من أن يكون في سؤالك إجابة غير نصفَي ما وجدوا

    ردحذف
  4. p.s. very creepy picture.. what is it?? it looks like the offspring of a bird that married and octopus.. and its tentacle are wrapped around some digestive organ

    ردحذف