الثلاثاء، 31 مارس 2009

عدت يا يوم مولدي







هل كانت مصادفة أن ابدأ الثاني من يناير – تاريخ مولدي -  ، مرتجفا من البرد  على رأس جبل ، أنظر في جميع الجهات فلا أرى أحدا غيري ، أفكر فيما تحمله السنة الجديدة من مفاجآت ، من خطوات كثيرة ، تفضي إلى ألف ميل ، لا أدري كم من آلاف الأميال تنتظرني بعدها ...
 
 قبل يومين     كان عيد الأضحى المبارك .. وبالأمس رأس السنة الميلادية .. واليوم التاريخ الذي ولدت فيه ..هل كانت هذه مصادفة ، أم احتفاء أخير ..
 
كم هو واسع هذ الفضاء ، كم هو ساطع هذا القمر ، مكتمل ، كما تكتمل البدايات قبل أن يعتريها نقص التجارب .
 
أين سأكون حينما يعود تاريخ مولدي في العام القادم ، أفضل تخميناتي تقول أنني سأكون في كندا وحدي ، كما أنا هنا ، ولكن دون صوت "ماطور" أسمعه يعلن عن  أصدقاء في الجوار ، وسأشعر بارتجاف البرد ، ولكنه أكثر جفافا و حدّة ، هل سيأتي من يتذكره ، ربما اسمعها جافة باردة ، بلغة أخرى كملاحظة عابرة من شخص ٍ لم يعرفني بعد سنة كاملة  ، ربما أسمعها عبر موجاتٍ تحاول أن تنقل صوتاً حميما قديما ، أنهكه التنقل عبر القارات حتى يصل إلى أذنيّ جافاً منهكاً بارداً عبر جهازٍ لا يمكنني أن أطلب منه أكثر من ذلك ..
 
المكان غارق في الهدوء ، لا أسمع شيئا سوى صوت الريح ، ربما أسمعه للمرة الأولى بهذا الوضوح ، دون أن يكون سريعا وصاخبا بما يكفي ليغطي على صخب وسرعة تحيط به .. أتكيء على صخرة لا أدري كم عمر بقائها هنا ، ربما تتعجب من تفكيري في رحلة السنوات السبع التي قد تبدو لها كطرفة عين .. أعبث في رمال ناعمة كلما أفلتها من بين أصابعي تنحني احتراما ، لمن سيسكن لسنوات سبع في مكان واحد ، وهي التي تنقلها الريح في كل لحظة ..
تمر نملة ، لا تعبأ بالبرد ، ولا تعبأ بالصحراء ، ولا تعبأ بالوقت ، ولا تعبأ بي ..
 
أفكر في كندا ، في المدينة  التي سأسكنها بعد ثلاثة أشهر  ، أتاوا .. هل لها صحراء كهذه أهرب إليها حينما تملني المدينة أو أملّها .. ؟
 
أفكر في الجدران الأربعة التي سينكمش داخلها  هذا الفضاء الواسع الذي أنكمش داخله ، وسأنكمش داخلها بدوري ، ترتب نفسها على رفّ في دولاب عمارة ، يسكنها البشر ، في مكان ما من تلك المدينة ...
 
آفكر في البرد ، وفي الثلج ، وفي الوحدة ، وفي تهور  الحلم حينما ينتشلني هكذا .. وفي تكات الساعة التي بدأت في عد تنازلي ، سأمتطي عندما ينتهي ظهر (روللر كوستر ) ستقذفني في كل الاتجاهات ، فأصعد ، وأهبط ، يختل توازني ، ويرجع ، أسابق الريح ، ثم أعود فأمشي بهدوء ، ثم أرجع إلى المكان الذي انطلقت منه ، منكوش الشعر ، خافق الفؤاد ..متقطع الأنفاس ..
أفكر في أمي ، هل ستحزن كما أحزن ، دون أن تكون على ظهر ( روللر كوستر ) تخيفها بما يكفي لتنسى حزنها ..
 
أنهض ..أملؤ رئتيّ من الهواء .. أمشي  .. أصعد باقي الجبل .. ثم أهبط نحو الخيمة التي صنعنا من قماشها مسكنا مؤقتا  .. أرى الشمس تغرب أمامي كأنها تودعني قبل ان تبتلعها الأرض  ، والقمر يتجلى خلفي كأنه يراقبني قبل أن تبتلعني الأرض  ..
 
أحاول أن أتخيل .. ماذا يمكن لجبال المستقبل أن تخبيء لي خلفها ..
 
 متعب
الرياض
2-1-2007

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق