أختي الحبيبة ،  
 صديقتي الصغيرة ، التي كبرت بما يكفي لتتزوج  غدا ،  لا أدري لماذا أريد أن أكتب الآن ، وعن ماذا أود أن أكتب ، فقط  فكرة أن يأتي يوم زفافك ، يومك الكبير ، وأنا بعيد ، بعيد لدرجة أنني لا أستطيع أن  أحضر ، وأطبع قبلة على رأسك وأتمنى لك حياة سعيدة ، تستحق من قلمي بعض الثرثرة ،  بعد أن حصلت من عقلي على ثرثرة ٍ كثيرة ..  
المسافة ، أكبر من أن تسمح لي أن آتي لأقلك إلى  الكوافيرة وألملم اطراف فستان زفافك إلى داخل السيارة ، أبعد من أن أستطيع أن أراك  بفستان الفرح مهما عصرت كرة عيني . حتى لو سمح لي ترف التقنية أن أسمع صوتك غدا ،  لن أرى ترقبك ، ولن ألمح دهشتك ، لن أسمع دقات قلبك المتسارعة ، ولن أقوى على  اختلاس النظر إليك حتى أتأكد من أن كل شيء على مايرام .   
تستطيعين أن تقرئي رسالتي على أنها قبلة كبيرة  على جبينك ، وهدية سخيفة لزواجك ، وربتة كتفٍ حانية على كتف خوفك . كم تمنيت أن  أحضر لأكون إلى جوارك اليوم ، ربما تدركين ذلك ، فقد حرصت على أن أكون هناك في  أوقات أكثر بساطة وأقل أهمية .  كثيرا ما طرقت بابك ، أو بالأحرى دخلت  دون أن أطرقه ، لأرى كيف استعدادك للامتحان ، وكيف هو مزاجك ، وكيف هي دراستك ، وهل  تناولت العشاء أم لم تتناوليه . . أفتقد كثيرا هذه الزيارات الخالية من الأهمية ،  حينما كنت أقرر أن ألعب السوليتير على جهازك ، وأنت تذاكرين ، أو أعبث بكرة الشمع  الموجودة إلى جوار الباب ، أو أرمي نصف أغراض الغرفة عليكِ ، وأهددك بنصفها الآخر ،  وأنت تفتحين عينيك على آخرها وتبتسمين ، وتجهزين يدك لاتقاء ماسأرميه . . وأعبث  بالأشياء الصغيرة وأتحدث عنها وأفلسفها ، واكتب على دفاترك ، وعلى كتبك المهمة  أشياء تافهه ،مضحكة ، وأتحدث على لسان الدمى الصغيرة  ، وأنت تضحكين  حتى يؤلمك بطنك ، حتى يأتي الى الغرفة من يستفسر لماذا كل هذا الضحك !   
المرات القليلة التي تحدثنا بها بجدية حينما  تسألينني رأيي في شيء  ، كانت دافئة جدا ، وكنت ِ كريمة جدا في تقرير  أهميتها .  الآن اتمنى اعود لأتعلم منك كيف أصبح طيبا ، وجميلا ،  ودافئا ، وصادقا مثلك .  
سعيد ذلك الذي ارتبط بك ِ ، لا أتمنى أكثر من أن  يستحقك ، وأن يهديك بعضا من السعادة التي تستحقين ، أدعو لك بمستقبل جميل ، وسعادة  أعلم أنك تستحقينها تماما . .  
أريدك غدا ، أن تدخلي إلى قاعة القصر غدا  منتشـية ، سعيدة جدا ، واثقة جدا ، بثقة من لا ترى بين الحاضرات أجمل ولا أكمل   منها ، لم أحضر عرسا نسائيا من قبل ، لكنني أعلم أنك ستكونين مختلفة  جدا ، وجميلة جدا ، ومبهرة جدا . .  
لو كنت موجودا ، لجلست في قاعة الرجال ، أشرب  القهوة ، وأقبل عددا هائلا من الناس لا أعرف نصفهم ، حيث لا ترينني ، ولثرثرت مع  امي عن العرس في اليوم التالي ، أنوي أن أثرثر لكنني لن أكون موجودا في قاعة الرجال  .. انا موجود معك بقلبي أكثر من أي يوم . أكثر من أي يوم ، ربما أكثر مما لو كنت  موجودا ، ومنشغلا بالترتيبات الآخرى . .  
 إملئي رئتيك  بالهواء ، ابتسمي من أعماق قلبك الطيب ، واعلمي أنني أحبك كثيرا ، وأدعو لك كثيرا ،  وادخلي عليهم  كملكة ٍ لم يروا ، ولن يروا أجمل منها . . .  
...
 
 
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذف